فصل: قال البقاعي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة محمد:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه حديث أُبي الضَّعيف: «مَنْ قرأ سورة محمّد كان حقًّا على الله أَن يسقيه من أَنهار الجنة». وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأ هذه السّورة وجبت له شفاعتي، وشُفِّع في مائة أَلف بيت، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثواب خديجة». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة محمد صلى الله عليه وسلم مقصودها التقدم إلى المؤمنين في حفظ حظيرة الدين بإدامة الجهادة للكفار. حتى يلزموهم الصغار. أو يبطلوا ضلالهم كما اصل الله أعمالهم. لاسيما أهل الردة الذين فسقوا عن محيط الدين إلى أودية الضلال المبين. والتزام هذا الخلق الشريف إلى أن تضع الحرب أوزارها باسلام أهل الأرض كلهم بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام. وعلى ذلك دل اسمها (الذين كفروا) لأن من المعلوم أن من صدك عن سبيلك قاتلته وأنك إن لم تقاتله كن مثله. واسمعها محمد واضح في ذلك لأن الجهاد كان خلقه عليه افضل الصلاة والسلام إلى أن توفاه الله تعالى وهو نبي الرحمة بالملحمة لأنه لا يكون حمد وثم نوع ذم كما تقدم تحقيقه في سورة فاطر وفي سبأ وفي الفاتحة. ومتى كان كف عن أعداء الله كان الذم. وأوضح أسمائها في هذا المقصد القتال. فإن من المعلوم أنه لأهل الضلال. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله}:

السّورة مَدَنِيَّة بالاتِّفَاق.
وآياتها أربعون في البصرة. وثمان في الكوفة وتسع وثلاثون عند الباقين.
وكلماتها خمسمائة وتسع وثلاثون.
وحروفها ألفان وثلاثمائة وتسع وأربعون.
المختلف فيها آيتان: أوزارها. للشاربين.
فواصل آياتها (ما) ولها اسمان: سورة محمّد؛ لقوله فيها: {نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}. وسورة القتال؛ لقوله: {وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ}.

.معظم مقصود السّورة:

الشكاية من الكفَّار في اعراضهم عن الحقِّ. وذكر آداب الحرب والأسرى وحكمهم. والأمر بالنُّصرة والإيمان. وابتلاء الكفَّار في العذاب. وذكر أنهار الجنة: من ماء. ولبن. وخمر. وعسل. وذكر طعام الكفَّار وشرابهم. وظهور علامة القيامة. وتخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بأمره بالخوض في بحر التوحيد. والشكاية من المنافقين. وتفصيل ذميمات خِصالهم. وأمر المؤمنين بالطاعة والاحسان. وذمّ البخلاءِ في الإنفاق. وبيان استغناءِ الحَقِّ تعالى. وفقر الخَلْق في قوله: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وأنتم الفقراء}.
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فَامَّا مَنًّا بَعْدُ} م آية السّيف ن.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة القتال:
412- مسالة:
قوله تعالى: {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ}.
ما فائدته بعد وصف اضافة النعم عليهم. والمغفرة سابقة لتلك النعم؟.
جوابه:
أن (الواو) لا توجب الترتيب في الاخبار. وإفاضة النعم لا يلزم منه الستر. فذكر سبحانه أنه مع ذلك ستر ذنوبه ولم يفضحهم بها. والله أعلم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فإذا أنزِلَتْ سُورَةٌ} نزِّل وأنزل كلاهما متعدٍّ.
وقيل: نزَّل للتعدِّى والمبالغة. وأنزل للتَّعدِّى.
وقيل: نزِّل دفعة مجموعًا وأنزل متفرّقًا. وخصّ الأولى بنزِّلت؛ لأنه من كلام المؤمنين. وذكر بلفظ المبالغة. وكانوا يانسون لنزول الوحى. ويستوحشون لابطائه.
والثَّانى من كلام الله تعالى. ولأن في أول السّورة {نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} وبعده: {انزَلَ اللَّهُ} وكذلك في هذه الآية قال: {نُزِّلَتْ} ثم {انزَلَت}.
قوله: {مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سول لَهُمْ} نزلت في اليهود. وبعده: {مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} نزلت في قوم ارتدّوا.
وليس بتكرار.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة محمد:
سميت هذه السورة في كتب السنة سورة محمد.
وكذلك ترجمت في صحيح البخاري من رواية أبي ذر عن البخاري. وكذلك في التفاسير قالوا: وتسمى سورة القتال.
ووقع في أكثر روايات صحيح البخاري سورة الذين كفروا.
والأشهر الأول. ووجهه انها ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الثانية منها فعرفت به قبل سورة آل عمران [144] التي فيها: {وَمَا مُحَمَّدٌ الَّا رَسول}.
وأما تسميتها سورة القتال فلانها ذكرت فيها مشروعية القتال. ولأنها ذكر فيها لفظه في قوله تعالى: {وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} مع ما سياتي أن قوله تعالى: {وَيَقول الَّذِينَ آمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} إلى قوله: {وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} [محمد: 20] أن المعني بها هذه السورة فتكون تسميتها سورة القتال تسمية قرآنية.
وهي مدنية بالاتفاق حكاه ابن عطية وصاحب الإتقان.
وعن النسفي: أنها مكية.
وحكى القرطبي عن الثعلبي وعن الضحاك وابن جبير: أنها مكية.
ولعله وهم ناشئ عما روي عن ابن عباس أن قوله تعالى: {وكأين مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ اشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ} [محمد: 13] الآية نزلت في طريق مكة قبل الوصول إلى حراء. أي في الهجرة.
قيل نزلت هذه السورة بعد يوم بدر وقيل نزلت في غزوة أحد.
وعدت السادسة والتسعين في عداد نزول سور القرآن. نزلت بعد سورة الحديد وقبل سورة الرعد.
وآيها عدت في اكثر الامصار تسعا وثلاثين. وعدها اهل البصرة اربعين. واهل الكوفة تسعا وثلاثين.
اغراضها:
معظم ما في هذه السورة التحريض على قتال المشركين. وترغيب المسلمين في ثواب الجهاد.
افتتحت بما يثير حنق المؤمنين على المشركين لأنهم كفروا بالله وصدوا عن سبيله. أي دينه.
واعلم الله المؤمنين بانه لا يسدد المشركين في أعمالهم وانه مصلح المؤمنين فكان ذلك كفالة للمؤمنين بالنصر على اعدائهم.
وانتقل من ذلك إلى الأمر بقتالهم وعدم الابقاء عليهم.
وفيها وعد المجاهدين بالجنة. وامر المسلمين بمجاهدة الكفار وان لا يدعوهم إلى السلم. وانذار المشركين بان يصيبهم ما اصاب الامم المكذبين من قبلهم.
ووصف الجنة ونعيمها. ووصف جهنم وعذابها.
ووصف المنافقين وحال اندهاشهم إذا نزلت سورة فيها الحض على القتال. وقلة تدبرهم القرآن وموالاتهم المشركين.
وتهديد المنافقين بان الله ينبي رسوله صلى الله عليه وسلم بسيماهم وتحذير المسلمين من ان يروج عليهم نفاق المنافقين.
وختمت بالاشارة إلى وعد المسلمين بنوال السلطان وحذرهم ان صار اليهم الأمر من الفساد والقطيعة. اهـ.

.قال سيد قطب:

سورة محمد:
هذه السورة مدنية. ولها اسم آخر. اسمها سورة القتال. وهو اسم حقيقي لها. فالقتال هو موضوعها. والقتال هو العنصر البارز فيها. والقتال في صورها وظلالها. والقتال في جرسها وايقاعها.
القتال موضوعها. فهي تبدا ببيان حقيقة الذين كفروا وحقيقة الذين آمنوا في صيغة هجوم ادبي على الذين كفروا. وتمجيد كذلك للذين آمنوا. مع ايحاء بان الله عدو للأولين ولي للآخرين. وان هذه حقيقة ثابتة في تقدير الله سبحانه. فهو اذن اعلأن حرب منه تعالى على اعدائه واعداء دينه منذ اللفظ الأول في السورة: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله اضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم}.
وعقب اعلأن هذه الحرب من الله على الذين كفروا. امر صريح للذين آمنوا بخوض الحرب ضدهم. في صيغة رنانة قوية. مع بيان لحكم الاسرى بعد الاثخان في المعركة والتقتيل العنيف: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب أوزارها}..
ومع هذا الأمر بيان لحكمة القتال. وتشجيع عليه. وتكريم للاستشهاد فيه. ووعد من الله باكرام الشهداء. وبالنصر لمن يخوض المعركة انتصارا لله. وبهلاك الكافرين واحباط أعمالهم: ذلك ولويشاء الله لأنتصر منهم. ولكن ليبلوبعضكم ببعض. والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم. سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم. يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم. ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم..
ومعه كذلك تهديد عنيف للكافرين. واعلأن لولاية الله ونصرته للمؤمنين. وضياع الكافرين وخذلأنهم وضعفهم وتركهم بلا ناصر ولا معين: فلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم؟ دمر الله عليهم. وللكافرين أمثالها. ذلك بان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم.. كذلك تهديد آخر للقرية التي اخرجت الرسول صلى الله عليه وسلم: {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}.
ثم تمضي السورة بعد هذا الهجوم العنيف السافر في الوان من الحديث حول الكفر والايمان. وحال المؤمنين وحال الكافرين في الدنيا والآخرة. فتفرق بين متاع المؤمن بالطيبات؛ وتمتع الكافرين بلذائذ الارض كالحيوان: ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار. والذين كفروا يتمتعون وياكلون كما تاكل الأنعام والنار مثوى لهم.. كما تصف متاع المؤمنين في الجنة بشتى الاشربة الشهية من ماء غير آسن. ولبن لم يتغير طعمه. وخمر لذة للشاربين. وعسل مصفى. في وفر وفيض.. في صورة أنهار جارية.. ذلك مع شتى الثمرات. ومع المغفرة والرضوان. ثم سؤال: أهؤلاء {كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم}..
فإذا انقضت هذه الجو لة الأولى في المعركة السافرة المباشرة بين المؤمنين والكافرين. اعقبها في السورة جو لة مع المنافقين. الذين كانوا هم واليهود بالمدينة يؤلفون خطرا على الجماعة الإسلامية الناشئة لا يقل عن خطر المشركين الذين يحاربونها من مكة وما حولها من القبائل في تلك الفترة. التي يبدومن الوقائع التي تشير اليها السورة انها كانت بعد غزوة بدر. وقبل غزوة الاحزاب وما تلاها من خضد شوكة اليهود. وضعف مركز المنافقين (كما ذكرنا في تفسير سورة الاحزاب).
والحديث عن المنافقين في هذه السورة يحمل ظلالها. ظلال الهجوم والقتال. منذ أول اشارة. فهو يصور تلهيهم عن حديث رسول الله. وغيبة وعيهم واهتمامهم في مجلسه؛ ويعقب عليه بما يدمغهم بالضلال والهوى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال آنفًا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم}.
ويهددهم بالساعة يوم لا يستطيعون الصحو ولا يملكون التذكر: {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم}.
ثم يصور هلعهم وجبنهم وتهافتهم إذا ووجهوا بالقرآن يكلفهم القتال- وهم يتظاهرون بالايمان- والفارق بينهم يومئذ وبين المؤمنين الصادقين: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت}.
ويحثهم على الطاعة والصدق والثبات. ويرذل اتجاهاتهم. ويعلن عليهم الحرب والطرد واللعن: {فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم}..
ويفضحهم في تو ليهم للشيطان. وفي تامرهم مع اليهود. ويهددهم بالعذاب عند الموت بالفضيحة التي تكشف اشخاصهم فردا فردا في المجتمع الإسلامي. الذي يدمجون انفسهم فيه. وهم ليسوا منه. وهم يكيدون له: {ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم أم حسب الذين في قلوبهم مرض ان لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}..